سورة يونس - تفسير تفسير النسفي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (يونس)


        


{وَلِكُلّ أُمَّةٍ رَّسُولٌ} يبعث إليهم لينبههم على التوحيد ويدعوهم إلى دين الحق {فَإِذَا جَاء رَسُولُهُمْ} بالبينات فكذبوه ولم يتبعوه {قُضِىَ بَيْنَهُمْ} بين النبي ومكذبيه {بالقسط} بالعدل فأنجى الرسول وعذب المكذبين، أو لكل أمة من الأمم يوم القيامة رسول تنسب إليه وتدعى به فإذا جاء رسولهم الموقف ليشهد عليهم بالكفر والإيمان قضى بينهم بالقسط {وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ} لا يعذب أحد بغير ذنبه. ولما قال: {وإما نرينك بعض الذي نعدهم} أي من العذاب استعجلوا لما وعدوا من العذاب نزل {وَيَقُولُونَ متى هذا الوعد} أي وعد العذاب {إِن كُنتُمْ صادقين} أن العذاب نازل وهو خطاب منهم للنبي والمؤمنين {قُلْ} يا محمد {لاَّ أَمْلِكُ لِنَفْسِي ضَرّا} من مرض أو فقر {وَلاَ نَفْعاً} من صحة أو غنى {إِلاَّ مَا شَاء الله} استثناء منقطع أي ولكن ما شاء الله من ذلك كائن فكيف أملك لكم الضر وجلب العذاب {لِكُلّ أُمَّةٍ أَجَلٌ إِذَا جَاء أَجَلُهُمْ فَلاَ يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلاَ يَسْتَقْدِمُونَ} لكل أمة وقت معلوم للعذاب مكتوب في اللوح فإذا جاء وقت عذابهم لا يتقدمون ساعة ولا يتأخرون فلا تستعجلوا {قُلْ أَرَءيْتُمْ إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُهُ} الذي تستعجلونه {بَيَاتًا} نصب على الظرف أي وقت بيات وهو الليل وأنتم ساهون نائمون لا تشعرون {أَوْ نَهَارًا} وأنتم مشتغلون بطلب المعاش والكسب {مَّاذَا يَسْتَعْجِلُ مِنْهُ المجرمون} أي من العذاب، والمعنى أن العذاب كله مكروه موجب للنفور فأي شيء تستعجلون منه وليس شيء منه يوجب الاستعجال؟ والاستفهام في {ماذا} يتعلق ب {أرأيتم} لأن المعنى أخبروني ماذا يستعجل منه المجرمون. وجواب الشرط محذوف وهو تندموا على الاستعجال، أو تعرفوا الخطأ فيه. ولم يقل (ماذا يستعجلون منه) لأنه أريدت الدلالة على موجب ترك الاستعجال وهو الإجرام، أو {ماذا يستعجل منه المجرمون} جواب الشرط نحو: (إن أتيتك ماذا تطعمني) ثم تتعلق الجملة ب {أرأيتم} أو:


{أَثُمَّ إِذَا مَا وَقَعَ} العذاب {ءَامنتُم بِهِ} جواب الشرط و{ماذا يستعجل منه المجرمون} اعتراض. والمعنى إن أتاكم عذابه آمنتم به بعد وقوعه حين لا ينفعكم الإيمان. ودخول حرف الاستفهام على {ثم} كدخوله على (الواو) و(الفاء) في {أفأمن أهل القرى} {أو أمن أهل القرى} {الآن} على إرادة القول أي قيل لهم إذا آمنوا بعد وقوع العذاب آلآن آمنتم به {وَقَدْ كُنتُم بِهِ تَسْتَعْجِلُونَ} َأي بالعذاب تكذيباً واستهزاء. {آلان} بحذف الهمزة التي بعد اللام وإلقاء حركتها على اللام: نافع {ثُمَّ قِيلَ لِلَّذِينَ ظَلَمُواْ} عطف على {قيل} المضمر قبل {الآن} {ذُوقُواْ عَذَابَ الخلد} أي الدوام {هَلْ تُجْزَوْنَ إِلاَّ بِمَا كُنتُمْ تَكْسِبُونَ} من الشرك والتكذيب.
{وَيَسْتَنْبِئُونَكَ} ويستخبرونك فيقولون {أَحَقٌّ هُوَ} وهو استفهام على جهة الإنكار والاستهزاء والضمير للعذاب الموعود {قُلْ} يا محمد {إِى وَرَبّي} نعم والله {إِنَّهُ لَحَقٌّ} إن العذاب كائن لا محالة {وَمَا أَنتُم بِمُعْجِزِينَ} بفائتين العذاب وهو لاحق بكم لا محالة {وَلَوْ أَنَّ لِكُلّ نَفْسٍ ظَلَمَتْ} كفرت وأشركت وهو صفة ل {نفس} أي ولو أن لكل نفس ظالمة {مَّا فِى الأرض} في الدنيا اليوم من خزائنها وأموالها {لاَفْتَدَتْ بِهِ} لجعلته فدية لها. يقال فداه فافتدى، ويقال افتداه أيضاً بمعنى فداه {وَأَسرُّوا الندامةَ لما رأؤا العذاب} وأظهروها من قولهم (أسر الشيء) إذا أظهره، أو أخفوها عجزاً عن النطق لشدة الأمر فأسر من الأضداد {وَقُضِىَ بَيْنَهُمْ بالقسط} بين الظالمين والمظلومين دل عل ذلك ذكر الظلم {وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ} ثم أتبع ذلك الإعلام بأن له الملك كله بقوله:


{أَلا إِنَّ للَّهِ مَا فِى السماوات والأرض} فكيف يقبل الفداء، وأنه المثيب المعاقب وما وعده من الثواب أو العقاب فهو حق لقوله: {أَلاَ إِنَّ وَعْدَ الله} بالثواب أو بالعذاب {حَقّ} كائن {ولكن أَكْثَرَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ هُوَ يُحْىِ وَيُمِيتُ} هو القادر على الإحياء والإماتة لا يقدر عليهما غيره {وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} وإلى حسابه وجزائه المرجع فيخاف ويرجى {ياأيها الناس قَدْ جَاءتْكُمْ مَّوْعِظَةٌ مّن رَّبّكُمْ} أي قد جاءكم كتاب جامع لهذه الفوائد من موعظة وتنبيه على التوحيد، والموعظة التي تدعو إلى كل مرغوب وتزجر عن كل مرهوب، فما في القرآن من الأوامر والنواهي داع إلى كل مرغوب وزاجر عن كل مرهوب إذ الأمر يقتضي حسن المأمور به فيكون مرغوباً هو يقتضي النهي عن ضده وهو قبيح وعلى هذا النهي {وَشِفَاء لِمَا فِى الصدور} أي صدوركم من العقائد الفاسدة {وهدى} من الضلالة {وَرَحْمَةٌ لّلْمُؤْمِنِينَ} لمن آمن به منكم.
{قُلْ} يا محمد {بِفَضْلِ الله وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُواْ} أصل الكلام بفضل الله وبرحمته فليفرحوا بذلك فليفرحوا، والتكرير للتأكيد، والتقدير وإيجاب اختصاص الفضل والرحمة بالفرح دون ما عداهما من فوائد الدنيا، فحذف أحد الفعلين لدلالة المذكور عليه، والفاء داخلة لمعنى الشرط كأنه قيل: إن فرحوا بشيء فليخصوهما بالفرح، أو بفضل الله وبرحمته فليعتنوا فبذلك فليفرحوا وهما كتاب الله والإسلام. في الحديث: «من هداه الله للإسلام وعلمه القرآن ثم شكا الفاقة كتب الله الفقر بين عينيه إلى يوم يلقاه» وقرأ الآية {هُوَ خَيْرٌ مّمَّا يَجْمَعُونَ} وبالتاء شامي، {فلتفرحوا} يعقوب.

3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10